لقد وردت في كتاب الله العزيز آيات ذُكرت فيها قَصص بعض الأنبياء، ليتخذ منها الناس العبرة والعظة، ويطبقوا ما فيها في حياتهم، قال الله –تعالى–:
(لَقَد كانَ في قَصَصِهِم عِبرَةٌ لِأُولِي الأَلبابِ ما كانَ حَديثًا يُفتَرى وَلـكِن تَصديقَ الَّذي بَينَ يَدَيهِ وَتَفصيلَ كُلِّ شَيءٍ وَهُدًى وَرَحمَةً لِقَومٍ يُؤمِنونَ) يوسف 111.
مع العلم أن قصص الأنبياء في تلك المقالة مرتبة حسب مجيء كل نبي وهم آدم، نوح، صالح، إبراهيم، لوط، شعيب، يوسف، يونس، سليمان، عيسى، ومحمد، صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين.
قصص الأنبياء مكتوبة قصيرة:
هي قصصٌ ثابتةٌ حدثت بالفعل أثناء دعوة الأنبياء لأقوامهم بالإيمان بالله، وترك العبادات الأخرى، ومن أعظم هذه القصص:
● قصّة آدم عليه السلام:
هو أول الأنبياء، وكان مخلوقًا مُكرمًا عن بقية مخلوقات الله، ثم خُلقت ذرية آدم على نفس صورته وهيئته، وسكن مع زوجته "حواء" في الجنة، واستمتعا بنعيمها، إلى أن أكل من الشجرة التي نهى الله عن أكلها، فانكشفت عورتها، وأصبح يستر جسده بورق الجنة، ثم بعد ذلك ندم "آدم" ندمًا شديدًا على ذلك، ولكن أمرهما الله بالخروج من الجنة وأنزلهما إلى الأرض.
● قصّة نوح عليه السلام:
هو أوّل رسولٍ أُرسِل إلى الناس، وأحد أُولي العزم من الرُّسل، وكان يدعو قومه إلى تَرْك عبادة الأصنام، ويرشدهم إلى عبادة الله وحده، وقد استخدم جميع الأساليب واجتهد في دعوته، ولكن قابلوه بالعناد والاستكبار والجحود، واتهموه بالكذب والجنون، فأوحى الله إليه بصُنع السفينة، ثم أمره الله بركوبها مع مَن آمن بدعوته إلى الحق، ثم بعد ذلك فُتِحت السماء بالماء الغزير، وتفجّرت الأرض ينابيع وعيوناً، فكان طوفان مَهيبٍ أغرق القوم المُشركين بالله، ونُجِّيَ نوحٌ –عليه السلام– ومَن آمن معه.
● قصّة صالح عليه السلام:
بعثه الله إلى قوم "ثمود" بعدما ظهرت فيهم عبادة الأصنام والأوثان، فأخذ يدعوهم إلى عبادة الله، وترك تلك العبادة التي يعبدونها، وتذكيرهم بـ نعم الله لهم: من أراضي خصبةً، وامتلاكهم قوّةً ومهارةً في البناء، ومع ذلك لم يستجيبوا لدعوته، ولم يصدقونه، رغم إرساله ناقة من الصخر، واتفقوا على قتل هذه الناقة، لذلك عذّبهم الله –سبحانه تعالى– بأن أرسل الصيحة عليهم.
● قصّة إبراهيم عليه السلام:
كان يعيش بين قوم يعبدون الأصنام، وكان والده من يصنعها، ولم يتبع ذلك ابراهيم، وحطم لهم هذه الأصنام ليبين لهم أنها لا تضر، ولا تنفع، وأوقدوا النار ليحرقوا، ولكن الله نجاه منها وأمرها أن تكون بردًا وسلامًا عليه، ولم يؤمن أحد برسالة "إبراهيم" إلا زوجته سارة، وابن أخيه لوط.
● قصّة لوط عليه السلام:
كان لوط يدعو قومه إلى الإيمان بالله، والاستقامة، والتمتع بالأخلاق الحميدة فكانوا يُمارسون اللواط؛ بمعنى أنهم كانوا يأتون الرجال شهوةً من دون النساء، كما كانوا يعتدون على الناس في : أموالهم، وأعراضهم، وكان يغضب لوطاً –عليه السلام– مما يراه من أفعال قومه، فاستمرّ في دعوتهم إلى عبادة الله وحده، وتَرْك المنكرات، لكنهم رفضوا، وهددوه بإخراجه من قريته، ولكنه ثبت على دعوته، وحذرهم من عذاب وعقاب الله، وأرسل الله ملائكته إليه على هيئة بَشَرٍ ليبلغوا بهلاك قومه، ومَن سار على نهجه، وكان معهم زوجته، ولكن نجى لوط ومن آمن معه من العذاب.
● قصّة شُعيب عليه السلام
أُرسل شعيبًا إلى قوم مَدْين، وكانت تُعرف قريتهم، بتطفيف المِكيال والميزان؛ حيث كانوا يزيدون في الكيل إن اشترَوا شيئاً، وينقصون منه إذا باعوا، فدعاهم شعيب إلى عبادة الله، وتَرْك ما يشركون به، وحذرهم من عذاب الله الشديد، ومن ثم انقسمت القرية إلى: من استكبر عن هذه الدعوة، واتهموه بالسِّحر والكذب، وهددوه بالقتل، ومن آمن بدعوة شُعيب. ثم رحل شعيب عن هذه القرية واتجه إلى الأيكة، ودعاهم أيضًا إلى ترك التطفيف في الميزان، وعبادة الله، ولكن لم يستجب أحد، فعاد إلى مدين مرة أخرى، ثم أتى عذاب الله، وعُذب المشركون منهم.
● قصّة يوسف عليه السلام:
اصطفاه الله، وأوحى إليه بأنه سيكون ذو مكانة كبيرة، ولكن لم يسلم من اخوته وألقوه في البئر، وأخبروا أبيه بأن الذئب قد أكله، وكان ذلك خير ليوسف، الذي اشتراه عزيز مصر، وجعله وزيرًا على خزائن الأرض، وكان يوسف يدعو إلى دين الله، وتوحيده، وبعد ذلك عاد إخوة يوسف إليه، راجين منه التصدق عليهم، وإطلاق سراح أخيه الذي أخذه مقابل منحهم الطعام.
● قصّة يُونس عليه السلام:
كان يحذر قومه من عاقبة البقاء على دينهم، ولكنهم أصروا عليه، فخرج من قريته دون أمر من ربّه، وركب سفينة، كانت مليئةً بالركّاب والأمتعة، واشتدت الرياح اثناء الإبحار بها، وخاف من فيها من الغرق، وقرّروا رمي أحد منهم، فألقوا يونس في البحر، فسخّر الله له حوتاً ابتلعه دون أن يُصيبه بأيّ أذى، وأصبح يونس في بطن الحوت يُسبح ربه، ويستغفره، ويتوب عليه، ثم قذف به الحوت إلى البر، وأُرسل إلى قومه مرة اخرى، فاستجابوا إليه.
● قصّة سليمان عليه السلام:
كان سليمان بن داود –عليهما السلام– نبيّاً مَلكاً؛ فقد أتاه الله مُلكاً لا ينبغي لأحدٍ من بَعده، ومن مظاهر مُلكه: قدرته على فهم لغة الطير والحيوان، والرياح المسخرة له لتجريَ بأمره إلى المكان الذي يُريده، والجِنّ، كان مهتمًا بالدعوة إلى دين الله، وليس استقبال الهدايا من بلقيس التي كانت تحكم قوم يعبدون الشمس، ثم أسلمت بلقيس لله رب العالمين، بعدما أرادت أن تذهب إلى سليمان بنفسها، ثم وجدته قد أتى بعرشها قبل مجيئها إليه، وقد تُوفي سليمان وهو متكئ على عصاه، حتى أكلت الحشرة هذه العصا ليسقط على الأرض وليعلموا بموته.
● قصّة عيسى عليه السلام:
خُلق عيسى من أمّ دون أب؛ ليكون دلالةً وآيةً على عظمة وقدرة الله –عز وجل، فقد نفخ في أمه "مريم" ملكًا من روح الله ثم حملت به، ولكن عندما أتت به إلى قومها، أنكروا عليها بذلك وبخوها، فـ نطق عيسى أنّه عبد الله الذي اصطفاه للنبوّة، ثم قام عيسى بأداء مهمته، وهي دعوة قومه "بني إسرائيل" تصحيح مسلكهم، وهناك عدة معجزات دلت على صدقه، منها: خَلْق الطير من الطين، وبعث الموتى، إخبار القوم بما يخبئون في منازلهم، وقد آمن بدعوته الحواريّون، الذين بلغوا اثني عشر.
● قصّة محمّد عليه الصلاة والسلام:
فهو خاتم الأنبياء، وقد بدأ دعوته سرّاً، وتحمل الأذى والمشقة في سبيل دعوته، وكان يعرض الإسلام على القبائل في موسم الحَجّ، فالتقى يوماً بأحد الأنصار الذين آمنوا بدعوته، وعادوا إلى المدينة؛ لدعوة أهليهم، ثمّ مُهِّد أمر الهجرة إلى المدينة، وذهب النبيّ مع أبي بكرٍ إلى المدينة، وأثناء طريقه مر بغار ثورٍ، ومكث فيه 3 أيام قبل وصوله، ثم بنى المسجد عند وصوله، وأقام فيها الدولة الإسلاميّة، واستمر في دعوته إلى رسالة الإسلام حتى وفاته.
ما هي أجمل قصة من قصص الأنبياء:
ذكر الله سبحانه وتعالى قصة أولاد سيدنا آدم وهم قابيل وهابيل والتي جاءت على حسب سنة سيدنا آدم أن أنثى البطن تتزوج من ذكر بطن أخرى، ولكن رفض قابيل وكان يريد أن يتزوج من أخته التي جاءت معه في نفس البطن علم آدم بذلك وطلب منهم أن يقدموا قرباً لله. تقبل من هابيل رضي الله عنه لأنه كان متقيًَا، ولم يُتقبل من قابيل، مما أثار غيرته وحقده، فقام قابيل بقتل هابيل، ثم بعث الله لقابيل غراب ليعلمه كيف يدفن أخيه ويواري سوأته.
من قصص الرسول المؤثرة:
أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يريد الصلاة عند الكعبة المشرفة ودخل عليه أبو جهل وقال له: يا محمد إن سجدت عند الكعبة سوف أدوس على رأسك، ولكن لم يبدي الرسول له أي اهتمام لكلامه وتوجه إليها ليصلي ودخل مرة أخرى يهدده قائلاً يا محمد إن سجدت عند الكعبة سوف أدعو جميع أهل قريش وأجعلهم يشاهدون كيف أدوس على رأسك، ولم يهتم لكلامه مرة أخرى فدعا أبو جهل أهل قريش وانتظر حتى سجد الرسول واقترب منه ولكن توقف أبو جهل فجأة ثم تراجع عنه، استغرب أهل قريش مما فعله أبو جهل وسألوه:
"يا أبو جهل ها هو محمد ساجد وأنت لم تدس على رأسه، فلماذا تراجعت؟ فرد أبو جهل: لو رأيتم ما رأيت أنا لبكيتم دماً، فقال الناس: وماذا رأيت يا أبو جهل؟ قال: رأيت إن بيني وبينه خندقاً من نار وأهوالاً".
من أغرب قصص الصحابة:
تعتبر قصة الصحابية أم زفر رضي اللَّه عنها واحدة من أغرب القصص في الإسلام، حيث كانت أم زفر مصابة بمرض الصرع وإذا جاءها الصرع سقطت وانكشف شيء منها فإذا بها ذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشتكي له فقالت:
(إنِّي أُصْرَعُ وإنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي، قالَ: إنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الجَنَّةُ، وإنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ قالَتْ: أَصْبِرُ، قالَتْ: فإنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ لا أَتَكَشَّفَ فَدَعَا لَهَا).
فقد كان همها الوحيد في الدنيا الستر وليس الشفاء لذا أثرت على الرسول بالدعاء لها بالستر.