تُعد قصة أيوب واحدة من أهم القصص التي ذكرها –سبحانه وتعالى– في القرآن الكريم، فهي تعبر عن الصبر في أشد صوَره، فقد ابتلى الله نبيه أيوب بجميع الأمراض في جسده، ومع ذلك لم يعترض أيوب على قضائه، بل صبر وتحمل المرض وقسوة من حوله، لتكون قصته هي مثال يحتذى به في الصبر على البلاء والشدائد، ولكن هل فعل أيوب ذنبًا، وكانت هذه معاقبة الله له؟ تابع المقال.
قصة النبي أيوب مختصرة:
ويمكن تلخيص قصة النبي أيوب من خلال ما يلي:
1. حياة أيوب قبل البلاء:
● قد ذُكر في سورة الأنعام، أن نسب أيوب –عليه السلام– يعود إلى سيدنا إسحاق –عليه السلام–.
● تمتع أيوب في بداية عمره وحتى عشرات السنين بثروة ضخمة؛ تتضمن المواشي والعبيد، والأراضي الواسعة، والأولاد.
2. بلاء أيوب عليه السلام:
● ابتلى الله –تعالى– أيوب في كامل جسده، وانتشرت الأمراض في جميع أعضائه فيما عدا قلبه ولسانه، ولكنه قابل هذا البلاء بالصبر والاستغفار ليلًا ونهارًا.
● ظل مرض سيدنا أيوب سنوات عديدة، واشتد عليه، لدرجة مغادرة الناس له؛ خشيةً من انتقال عدوى المرض لهم، ثم أخرجوه من بلده، بالخارج.
● ولم يتبقى معه سوى زوجته، التي كانت تعتني به، وتتذكر حينما كانت تنعم بجواره، ويعيشان حياة مليئة بالسعادة، فكانت تتردد إليه بين كل حين وآخر، وتعاونه على قضاء حاجته.
● سقطت المصائب على رأس سيدنا أيوب واحدةً تلو الأخرى؛ حيث اشتعلت جميع ثروته؛ بما فيها من مال، مزارع، وأراضي، وقد وصل الأمر إلى فقدانه لأولاده واحدًا تلو الآخر، ولكنه ظل صابراً ومتمسكًا بدينه هو، واتجهوا إلى اللجوء إلى الله.
● وحينما اشتد الحال عليهما؛ نتيجة المحنة التي يمران بها، لم تجد زوجته أمامها أي شيء سوى خدمة النساء في بيوتهم مقابل الأجر اليومي، التي تستطيع من خلاله أن تُحضر الطعام إلى زوجها المبتلى.
3. تدهور حالة أيوب عليه السلام:
● ازدادت حالة أيوب سوءًا، لدرجة تساقط لحمه، وكانت تفرش زوجته أسفله الرماد، حتى تبقى من جسده مجرد عظام وعصب.
● وحينما ضعفت الزوجة، واشتد كربهم، أخبرت الزوجة زوجها؛ بأن يدعو ربه أن يفرج عنه محنته، فأجابها أيوب؛ بأن الله أعطاه من النعم ما يشتهي لأكثر من 70 سنة، فليس من القليل أن يصبر على الابتلاء 70 سنة أخرى، فاقتنعت زوجته بكلامه وانتهى النقاش في هذا الأمر.
4. خدعة الشيطان لأيوب:
● تنكر الشيطان في صورة طبيب، وذهب إلى أيوب ليراه، فقابلته زوجته أولاً، ورحبت به، وصدقته، وسمحت له بالدخول إلى أيوب زوجها؛ ظنًا منها أنه سيعالجها.
● تضاعفت آلام أيوب عندما رأى الشيطان التي كان يشعر بها، حين اكتشف أن هذا المخلوق متمثل في صورة الطبيب وهو شيطان رجيم، وغضب من زوجته بشدة، وحلف عليها أن يضربها.
5. زوجة تبيع ضفيرتيها:
● رفض الناس أن يتعاملوا مع زوجة أيوب؛ خشيةً من إصابتهم ببلاء زوجها، أو انتقال العدوى منه أو منها إليهم، وازداد الحال تدهورًا، ولم تستطع الحصول على المال؛ لتنفق على زوجها وتطعمه.
● اضطرت أن تتخلى عن إحدى ضفيرتيها، وتعطيها لأحد بنات الأشراف مقابل الطعام لزوجها، واندهش أيوب؛ وسألها عن مصدر المال، فأجابته بأنها ذهبت لخدمة بعض النساء.
● وذات يوم آخر، لم تتمكن من الخدمة والحصول على النقود، فقررت أن تبيع الضفيرة الأخرى، وشعرت بضيق الحال أكثر من أي وقت مضى.
● وعندما ذهبت زوجة أيوب إليه ومعها الطعام، أقسم بأنه لن يتناول الطعام إلا إذا علم بحقيقته، فكشفت رأسها، وتألم أيوب كثيرًا مما رأى، وقام يدعو ربه في ضيق وحزن؛ بأن يفرج عنه الكرب الذي مسه، فالله –سبحانه وتعالى– أرحم الراحمين.
6. جزاء الصابرين:
● وقد لبى الله نداء أيوب –عليه السلام– واستغاثته، وفرج عنه الكرب، وأثناء خروج أيوب لقضاء حاجته، وانتظار زوجته له كثيرًا، أوحى الله له أن يدب برجله على الأرض بقوة، لتخرج الماء من عينٍ في الأرض.
● وأخبره الله؛ بأنه إذا اغتسل منها وشرب، سيُشفى من كل سوءٍ أصابه الذي، وفعل أيوب ما أراده الله، فعاد كل شيء مثلما كان، واسترد عافيته من جديد.
● ولم تعرفه زوجته حينما عاد إليها معافى البدن، وسألته عن زوجها، فأخبرها بما حدث معه وبأنه زوجها، وملأت السعادة قلبهما، وشكرا الله على جزائه لمن يصبر ويتقي الله –تعالى–.
● كافأ الله زوجة أيوب على صبرها معه، فاستردت جمالها وشبابها، وحملت وأنجبت –غير الذي فقدوا–، كما رُزق أيوب بثروة كبيرة، وغفر وسامح كل من هجروه وتخلوا عنه في شدته.
ما قصة صبر أيوب عليه السلام؟
● صبر أيوب على مرضه وبلائه وفقدانه لكل ثروته سنوات طويلة دامت حتى 15سنة، فقد أراد الله –سبحانه وتعالى– أن يبتليه ويختبر صبره، وبحكمته حرق جميع ما يملك.
● فكان يأتيه كل يوم خبر بهلاك إحدى ممتلكاته، ولا يردد إلا ذكر الله –تعالى–، ثم مرض أيوب مرضًا فر منه جميع قومه وأقاربه إلا زوجته واثنان فقط من أقاربه، وقال أحدهما للآخر ذات مرة؛ أن ذنب أيوب كبيرًا لدرجة اشتداد كربه بين كل حين وآخر.
● بينما زوجته ظلت معه ترعاه وتعتني به، وأعطاه الله في النهاية جزاء صبرهم.
لماذا حلف أيوب أن يضرب زوجته؟
اختلف أهل التفسير في معرفة هذا السبب، ولكن الأرجح؛ عندما تنكر الشيطان في هيئة طبيب، وقال لزوجة أيوب بأنه أتى لمعالجة زوجها وأدخلته، فعندما دخل الشيطان إلى أيوب طلب منه أن ينطق بكلمه تعني أنه ينسب الشفاء له وليس لله، وعلم أيوب بأن هذا شيطان وليس طبيب، فحلف على زوجته أن يضربها، وعقب شفاء أيوب؛ أمره الله أن يحضر عصا صغيرة غير مؤلمة وينفذ ما قاله؛ كي لا يعصي الله ويشرك به، وفعل ذلك أيوب وقد أرضاه الله.
ما هو ذنب أيوب عليه السلام؟
استمر مرض أيوب لسنوات طويلة؛ جعلته جليس الفراش، ينفر منه جميع الأشخاص حتى تم خروجه من بلده؛ لعدم انتقال مرضه إلى شخص آخر، ولم يرد في أي كتاب أن أيوب قد أذنب أيوب في حياته، بل هذه هي إرادة الله وحكمته، التي يختبر بها صبر عباده ومدى إيمانهم به.
هل أكل الدود ساق أيوب عليه السلام؟
هذه مجرد ادعاءات وافتراءات كاذبة، فقد كان يتساقط اللحم فقط، بينما قصة نفخ إبليس له، وإصابته بمرض الجذام هي كذبة ابتدعها الكافرون، فقد عصم الله أنبيائه من كل شر، ولا يجوز أن يحدث ذلك.
كيف شفى أيوب عليه السلام من المرض؟
● حين اشتد الكرب على أيوب ولم يطبق التحمل، جلس يدعو ربه بأنه قد مسه الضر واشتد البلاء وهو أرحم الراحمين، وأن يزيل عنه، فاستجاب الله له.
● وعندما دخل أيوب ليقضي حاجته، أخبره الله –تعالى–، بأن يضرب بيده على الأرض؛ لتظهر عين الماء البارد، يغتسل منها البارد ويشرب، وعندما اغتسل عنها شُفي وذهب عنه كل داء.